اخر المواضيع

في : الأربعاء، 16 سبتمبر 2015


تُعتبر ”المانغا“ في اليابان، أكثر من مجرد عنصر نموذجي من الثقافة الشعبية، فهي تثير اهتمام الناس من جميع الأعمار كما أصبحت موضوعا هاما من مواضيع البحوث الأكاديمية، وتجذب أعداد متزايدة من القراء والهواة في جميع أنحاء العالم. وعلى هذه الخلفية، افتتح متحف كيوتو الدولي للمانغا في نوفمبر/تشرين الثاني عام ٢٠٠٦.
للمتحف روح وأجواء من الطراز القديم تطغي على مظهره الخارجي، حيث يقع داخل مبنىً يعود لأكثر من ١٠٠ سنة، وكان في الأصل مدرسة ابتدائية. وفي الطقس الجيد، يمكن للزوار التمدد والاسترخاء في الخارج على المروج والتمتع بقراءة المانغا المفضلة لديهم في الهواء الطلق.

ويدار المتحف بشكل مشترك من قبل مدينة كيوتو وجامعة كيوتو سيكا، التي كانت رائدة في الدراسة الأكاديمية للمانغا منذ ما يقرب من ٤٠ عاماً. حيث افتتحت الجامعة أول قسم مخصص للمانغا في العالم في نفس العام الذي افتتح خلاله المتحف.

الصغار والكبار مستغرقين في ”المانغا“


يوجد في المتحف حوالي ٣٠٠ ألف كتاب من قصص المانغا والأنيمي، ما يجعل منها واحدة من أكبر المجموعات في العالم. على الرغم من أن نواة المجموعة مكونة من المانغا اليابانية الحديثة، فإنّ لدى المتحف أيضا مُقتنيات واسعة من جميع أنحاء العالم وكتب ”مانغا“ يابانية قديمة يعود تاريخها لعصر ”ميجي“ (١٨٦٨-١٩١٢). وكذلك نحو ٥٠٠٠٠ كتاب متوفر في متناول أيادي الزوار ومصفوفة على الرفوف للاطلاع عليها بسهولة.

ولعل رفوف الكتب تشكل واحدة من الأشياء المهمة في المتحف فهناك: جدار المانغا، ورُزماً من كتب المانغا من الأرض إلى السقف تمتد لأكثر من ٢٠٠ متر في أرجاء المبنى حيث تَّم ترتيب الكتب فيها حسب التاريخ واسم المؤلف وتتراوح معظم التواريخ بين فترة السبعينات حتى عام ٢٠٠٥.

ويبدو أن هذا هو المكان المثالي لعشاق المانغا لمطاردة الإصدارات بعيدة المنال التي لم تعد متواجدة في الأسواق. كما تساعد الألواح التي تتأثر باللمس في المتحف القراء في تعقب العناوين التي يبحثون عنها.

وفي جميع أنحاء المتحف، يجلس الزوار في جو يسوده الصمت، مستغرقين في مطالعة المانغا الخاصة بهم. جو من الهدوء يسود المتحف. 

(فوق) مكتبة الطفل المتخصصة في الكتب المصورة للأطفال الصغار.
 يخلع الأطفال أحذيتهم ويتصرفون على راحتهم مع الكتب المفضلة لديهم.
كما أن أكثر من الزوار هم من العائلات مع الأطفال: حيث الأم وابنتها التي تحب الصور هنا للمشاركة في ورشة عمل وفتاة عمرها عشر سنوات من محافظة ”شيغا“ في زيارة مع والدها، وهو هاوي مانغا ملتزم وحريص على نقل حماسه للجيل القادم. وكذلك الكثير مما يعرضه المتحف للبالغين والأطفال على حد سواء للاستمتاع وغالبا ما يساعد على جمع الأجيال معا، علما بأن هذا الأب، الذي يهمل ابنته لبضع لحظات وهو يبحث عن عنوان آخر على قائمة قراءته، قد لا يكون أفضل مثال.

كما يَقَدِّمُ المتحف أيضا عُروضاً وبرامج خاصة تروي القصص للأطفال. ينادي الموظفون في أرجاء المتحف، معلنين بداية العرض بواسطة ”هيوشيغي“، وهي المٌصّفَقَة الخشبية الرنانة التي تستخدم عادة للإشارة إلى بداية عرض مسرحي. لكي يندفع الأطفال بعدئذ وبحماس إلى مقاعدهم، حيث يتم لفت أنظارهم وفتنهم بأداء ”كاميشيباي“ (المسرح الورقي) لرواية القصص، والذي يروي قصة بمساعدة الصور. وكان هذا المشهد مألوفا في جميع أنحاء البلاد، ولكن هذا الترفيه التقليدي اختفى من شوارع اليابان منذ ظهور التلفزيون في الخمسينات. ولعل متحف المانغا ربما يكون المكان الوحيد في البلد الذي يقيم العروض على أساس يومي. سيما وأنّ والد صبي في مدرسة ابتدائية يقول بفخر لابنه أن ”ميزوكي شيغيرو“، وهو فنان المانغا الشهير، بدأ مشواره كحكواتي ”كاميشيباي“ قبل بدأ الرسم. ثم مع مسحة من الخجل، اعترف بالقول: ”في الواقع، هذه هي المرة الأولى التي أشاهد فيها بنفسي أداءً حقيقياً لـ”كاميشيباي“. “

ملتقى لعشاق ”المانغا“


”كوجيما إيو“ من مكتب المحرر في استوديو
المانغا هو خريج من جامعة ”كيوتو سيكا“.
كما أن هناك أيضا فرصة لرؤية المانغا وهي ترسم. في استوديو المانغا، حيث يمكن للزوار مشاهدة مبدعي المانغا المحترفين على رأس العمل. ومكتب المحرر في ستوديو المانغا في الجوار، حيث يمكن للفنانين الناشئين استشارة المهنيين للحصول على النصائح والمشورة.
ويقول الفنان المحترف ”كوجيما إيو“ : ”يميل مبدعو المانغا إلى القيام بالكثير من العمل وحدهم في شققهم. ولعل الرسم أمام الجمهور تغييراً لطيفاً وإنه من الجيد أن يكون لديك فرصة لتختلط مع الفنانين الشباب الطامحين لدخول المهنة“.

أما ”جاكلين برندت“، وهي أستاذ متخصص في المانغا في جامعة ”كيوتو سيكا“ فتقول بأن المتحف أصبح مكانا يختلط فيه الباحثون والهواة الدائمون على السواء وتُضيف: ”إن متحف المانغا يعقد اجتماعات دراسية وندوات مفتوحة للجمهور العام. وبالنسبة لي كدارس أكاديمي للمانغا، فإن القدرة على البقاء على اتصال مع القراء العاديين بهذه الطريقة لا تقدر بثمن. وفي هذا المعنى، فإن المتحف يقدم خدمة هامة كونه ملتقىً للناس للمشاركة من خارج حدود المجتمع الأكاديمي فطلابي يشاركون دائما في دورات كهذه ويكتبون مقالاتٍ حول النتائج التي توصلوا إليها كجزء من وظائف دراسية“.

متجر المتحف ممتلئ بالكامل بقصص المانغا – ”يوكوتا ساكي“،

مهووسة مانغا حسب وصفها (على اليسار في الصورة)،

فقد جاءت إلى المتحف من 
”أوساكا“ مرات عديدة لشراء منتجات ”المانغا“.

 ويتأثر نمط ملابسها من قبل مظهر الـ ”كوزبلاي“. 
فأحداث الكوزبلاي“

هي مجرد واحدة من العديد من مناطق الجذب في المتحف.

وبالإضافة إلى المعارض الدائمة وورش العمل والندوات، تجلب المعارض الخاصة والنقاشات ذات الصلة المزيد من الطاقة والحيوية إلى لتُغني بذلك التجربة الكلية للمتحف.

هواة المانغا من خارج اليابان


ولعل أحد الأشياء التي تجعل من المتحف ذي قيمة خاصة هي الطريقة التي تمكن من الجمع بين الثقافة الشعبية اليابانية مع المعالم التاريخية التقليدية لمدينة ”كيوتو“. فأغلب السياح من الخارج هم من الزوار الدائمين وذلك نظراً لتواجد مواقع التراث الوطني مثل قلعة ”نيجو“ وقصر ”كيوتو“ الإمبراطوري على مقربة من المتحف.


هذا ويقول ”فارسام“ وهو سائح من ألمانيا (على اليسار في الصورة)، ”شعرت بالسرور عندما قرأت عن متحف المانغا في الدليل. وقد كان أول اتصال لي مع اليابان من خلال المانغا. سيما وأن ”المانغا المفضلة هي أعمال مثل مذكرة الموت (Death Note) و”جينتاما“ (Gin Tama). في ألمانيا، باستثناء سلسلة شهيرة مثل ”دراغون بول“/كرة التنين (Dragon Ball)، وغالبا ما يكون شراء ”المانغا“ باهظ التكاليف، لذلك غالبا ما أزور المكتبة لقراءتها. ولكن لم أتخيل أبدا أن تكون هناك مكتبة ضخمة مثل هذه مكرسة للمانغا“، وهذا ما يقوله بجدية، وكما يمكن أن يتوقع من شخص يقول إنه يحب المانغا منذ ١٥ عاما. أما صديقه ”سفين“ فيقول بدوره : ”كان من المثير للاهتمام معرفة تاريخ وأصول ثقافة المانغا في اليابان. وإنه فعلاً لأمر رائع أن ترى بأنّ جميع الجداول الزمنية والمعروضات قد وصفت بشكل واضح باللغة الإنكليزية“. وقد استمتع ذلك الشخص بزيارة المتحف على الرغم من عدم كونه هاو ملتزمٍ بـ”المانغا“.

وجدير بالذكر أن متحف ”كيوتو“ الدولي للمانغا: فَتَحَ أبوابه في نوفمبر/تشرين الثاني عام ٢٠٠٦. وبحلول نهاية مارس/آذار ٢٠١٢، كان قد زار المتحف ما مجموعه ١،٤ مليون شخص. حيث تعمل الزيارة بالنسبة لكثير من هؤلاء الزوار، الزيارة على التذكير بالمتعة الخاصة التي تحيط بـ”المانغا“ وكذلك كونها أيضا مفاجأة مثيرة للكثيرين عندما يعرفون أن المانغا هي الآن موضوع دراسة أكاديمية جادة.

قسم معرض “المانغا” في المتحف يحتوي على مجموعة من حوالي ٥٣٠٠
”مانغا“ في مجموعة متنوعة من اللغات الأجنبية.
ويقول مدير المتحف ”أويدا شوزو“ : ”قد نكون متحفا، ولكن هذا لا يعني أننا سنكتفي فقط بالفرح لتزويد الزوار بمجموعة من المانغا القديمة للقراءة. فهدفنا هو أن نكون بمثابة مكان للتفاعل وصلة التواصل. وبهذا المعنى، فإن الأمور مثل جلسات ”كاميشيباي“ لرواية القصص وستوديو المانغا ستظل جوانب مهمة جدا لعملنا“.

كما أخذ الناس في السنوات الأخيرة يميلون للتركيز على أن المانغا هي تصدير ياباني إلى العالم. ولكن من المهم أن نتذكر أن المانغا لا تزال تلعب دورا هاما كثقافة تؤدي للتواصل الجيّد بين الناس على اختلاف بيئتهم.




Kyoto International Manga Museum

(Karasumadōri-Oike, Nakagyō-ku, Kyoto (Formerly Tatsuike Elementary School
TEL:075-254-7414

ساعات العمل: ١٠:٠٠ حتي ١٨:٠٠ (آخر دخول: ١٧:٣٠ مساء) 
مغلق: الأربعاء (أو في اليوم التالي في حالة وجود عطلة وطنية)، عطلة رأس السنة الجديدة، خلال أعمال الصيانة. 
رسوم الدخول : ٨٠٠ ين للكبار، ٣٠٠ ين لطلاب المدارس الإعدادية وطلاب المدارس الثانوية، ١٠٠ ين لطلاب المدارس الابتدائية، مجانا لأي شخص أصغر سنا (ولكن يجب أن يرافقه شخص بالغ).


(المقالة الأصلية باللغة اليابانية بقلم ”ياتا يوميكو“. الترجمة من اللغة الإنكليزية. الصورمن ”ماكوتو إيتو“. مع شكر وتقدير إلى متحف ”كيوتو“ الدولي للمانغا“.)

منقولة بالكامل من هنا

كافة الحقوق محفوظة للموقع Copyrights © Kawaii " Anime World " Miko // مؤسس الموقع ومديره : * Aos Subhi * aws almimari

Copyrights © Kawaii Anime World

كافة الحقوق محفوظة للموقع ©